dimanche 16 février 2014

الإقتصاد الإسلامي ببساطة


بعد الفشل الذريع الذي طال النظام الإشتراكي و بعد الأزمات المالية المتتالية و أخرها التي تسببت فيها العقارات "ساب برايم" في الوليات المتحدة الأمريكية سنة 2007  و المشاكل الكبيرة التي يعاني منها النظام الرأسمالي .أصبح خبراء الإقتصاد في العصر الحديث  يعملون على إيجاد نظام أكثر تماسك يضمن على الأقل الاستقرار للدول .كثير من هؤلاء الخبراء و منهم خبيرة الإقتصاد الإيطالية "لوريتا نابليوني " صرحوا أن الإقتصاد الإسلامي يمكن أن يكون حل لكثير من المشكلات  التي يعاني منها الإقتصاد العالمي .
اليوم في تونس و بعد الربيع العربي أصبح كثير من السياسين و الخبراء  يتحدثون عن الإقتصاد الإسلامي و كأنه حل للمعضلة  الإقتصادية و يدرسون كيفية تطبيقه على أرض الواقع و لكن هناك الكثير من الناس لازال يجهل خصائص الإقتصاد الإسلامي و إيجابيته على المستوى الشخصي و الجماعي .
هذا المقال هو نبذة مبسطة جدا على خصائص الإقتصاد الإسلامي و مميزاته.
يعتبر الإقتصاد الإسلامي نواة متكاملة لا يمكن تطبيق أجزاء منه و ترك أجزاء أخرى حتى يحقق الرخاء المطلوب .و يتميز الإقتصاد الإسلامي بعدة خصائص متضاربة فمن جهة أنه لا يحتوي على فوائد و ضرائب  ولا تضخم في العملة و في الأسعار و يحتوي على سوق حرة و من جهة اخرى يمتلك  بعض الصفات الاشتراكية.كيف تكون كل هذه الصفات المتضاربة في نظام إقتصادي واحد؟
يتفق عالم الإقتصاد الفرنسي جون بابتيست ساي مع الإقتصاد الإسلامي في نظرية ان المنتجات تستبدل بمنتجات و أن النقود ماهي إلا وسيلة للتبادل  و لقد سميت هذه النظرية "بقانون ساي" أو "قانون المنافذ" أو "قانون تصريف المنتجات"  و عليه فإن الكاتب الفرنسي يقول " كلما بعت سلعة أو تحصلت على ثروة بسبب جهد أنت بذلته خلقت طلبا على سلع الأخرين لأنك ستشتري بتلك الثورة أو المال الذي تحصلت عليه لقاء الجهد سلعا يمتلكها أخرون و هؤلاء عند بيع بضاعتهم خلقوا طلبا على سلع غيرهم و هكذا تتكون الدورة الإقتصادية . و لتطبيق قانون ساي لا بد أن تكون قيمة العملة في تضاؤل مع الوقت.و في النظام الجديد (قيمة العملة متحركة) سيضطر الناس إلى جمع المال و تخزينه و إخراجه من الإقتصاد  و تكسير الدورة الإقتصادية و بالتالي تصبح العملة ثروة بعد أن كانت وسيلة للتبادل .
لمعالجة هذه المشكلة إقترح الإقتصاد الإسلامي أن تبقى العملة جامدة دون إرتفاع و لا إنخفاض و أن من يدخر مالا و يخرجه من الإقتصاد و يرفض تشغيله  سيضطر إلى دفع نسبة منه كل سنة و هو ما يعبر عنه ب"الزكاة" .كنتيجة لهذه الوضعية ستفقد العملة قيمتها في عيون مستخدمها و تعود إلى دورها الطبيعي و هو تسهيل عميلة التبادل كذلك سيضطر كل مالك للمال غلى إخراجه في أقرب وقت إلى السوق و هو ما سيزيد قيمة الأموال في الدورة الإقتصادية .
بعد تجميد قيمة العملة سيضطر مالكوا الأموال إلى إخراج أموالهم و تشغيلها في أقرب وقت حتى لا تتضاءل بفعل الزكاة ، مما ينتج عنه زيادة الطلب على كل السلع و الخدمات ، و بالتالي زيادة كبيرة في العرض و باعتبار أن قيمة العملة غير متحركة ستزيد الطاقة الإنتاجية للدولة للوصول إلى الطاقة القصوى و هذا ما يعبر  عنه ب"الإقتصاد الحر" . على صعيد أخر من يرفض تشغيل ماله رغم التضاؤل  سيبقى منحى المال المملوك يتضاءل حتى يبقى مع مدخره قيمة ضيئلة ما يسمى بالنصاب ( النصاب هو القيمة الدنيا  التي تجب فيها الزكاة) تكفيه للعيش و هذه صفة من صفات الإشتراكية في الإقتصاد الإسلامي . النصاب في الأموال هو ربع العشر أي ما يقدر ب 2.5 بالمائة من قيمة الثروة كاملة شرط أن تتجاوز الثروة النصاب .فإذا ما إعتبرنا مثلا أن معدل الضريبة على الدخل يساوي 20 بالمائة .تقطع الضريبة من الدخل الشهري للعامل دون مراعاة حالته الإجتماعية و دون إعتبار كذلك ما يملكه .لكن الزكاة تشترط أولا بلوغ النصاب و ثانيا تقطع من قيمة الأموال كاملة التي يمتلكها العامل .فكأن الإقتصاد الإسلامي يعطي فرصة للعامل في بداية حياته حتى يكون ثروة (يشتري منزلا ، سيارة ، يتزوج ، يبعث مشاريع ) و يصنع رخائه الإقتصادي ثم بعد ذلك يفرض عليه الزكاة.فإذا ما قارنا بعد ذلك الضريبة على الدخل و الزكاة سنجد أن  نسبة 2.5  بالمائة المقتطعة من الثروة تفوق بكثير  نسبة 20 بالمائة المقتطعة في شكل  ضريبة على الدخل  و هذا ما يدر على الدولة التي تتبع إقتصاد إسلامي موارد كبيرة و هنا نلحظ بعض الصفات الإشتراكية .
على صعيد أخر تعتمد الدولة التي تعتمد إقتصاد إسلامي على الزكاة في تدعيم مواردها و على السيولة الهائلة الموجودة للأسباب  التي ذكرناها سابقا مما سيضطرها للدخول في  المشاريع العملاقة الربحية مثل المطارات المناجم و التي لا تستطيع الشركات الدخول فيها .كذلك يقوم النظام البنكي في الدولة التي تعتمد إقتصاد إسلامي على نظام المرابحة و هو نظام يعتمد على الدخول في صيغة شراكة في مشاريع بدل إعتماد نظام الفائدة على الربح في الودائع وهو يطرح حلولا لمن يملك مالا و لا يعرف كيفية تشغيله فالمؤسسة البنكية في الإقتصاد الإسلامي تأخذ أموالا من حرفائها  و تبيعهم أسهم في شركات و ليس مقابل فوائد.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire