mardi 1 mai 2018

الامم المتحدة : عندما يتأسس السلام العالمي عبر التهديد


هل فشلت الامم المتحدة في أداء دورها؟ سؤال يتبادر في أذهان الكثيرين بالنظر خاصة إلى ما يعيشه العالم اليوم وخاصة منطقة الشرق الاوسط، و لكن للاجابة على هذا السؤال لا بد من طرح السؤال التالي : ماهو دور الامم المتحدة،؟ فإذا كان دورها يتمثل في إيجاد حلول سلمية لمشاكل عسكرية عالمية، فحسب المتابعين قد فشلت المنظمة فشلا ذريعا بالنظر إلى ما عاشه العالم من السبعينات إلى اليوم ، و إذا كان دورها يتمثل في الانصياع إلى أوامر من أسسوها فذاك شأن أخر يجعلنا نصر على البحث في الظروف التي تأسست فيها المنظمة و طريقة عملها و مبادئها، لكن الذي لا لبس فيه أن دائرة الشكوك و الحيرة و التساؤلات تتسع عند الحديث عن مجلس الامن المنبثق عن الامم المتحدة فكيف يكون موقف مواطن من دولة غير عظمى عندما يرى مستقبل بلاده يتم مناقشتهه بين 5 دول عظمى تم تحديدها في مؤتمر التأسيس و منحهم حق إسقاط أي قرار أو دعمه أو ما يسمى بحق الفيتو و هم روسيا و الصين و الولايات المتحدة و فرنسا وبريطانيا  وهي  الدول الفائزة في الحرب العالمية الثانية، و لكن من كان صاحب فكرة حق الفيتو، و هل نحن حقا في حاجة إليه لبناء عالم متقدم يسوده السلام.

        في الثامن من مايو أيار عام 1945 تنفس العالم الصعداء بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، حرب كانت الاكثر دمارا و الاكثر دموية على مر التاريخ بعدما راح ضحيتها أكثر من 50 مليون شخص معظمهم من المدنيين. و لتجنب مأسي الحرب العالمية الاولى و الثانية إجتمع ممثلو 50 دولة في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة في 25 أفريل 1945، و في 26 يونيو حزيران  أعلن ميثاق الامم المتحدة و لكن برعاية 51 دولة، كانت المقدمة مؤثرة  و رومانسية" نحن شعوب الامم المتحدة و قد ألينا على أنفسنا أن ننقذ الاجيال المقبلة من ويلات  الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الانسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف ". إختار المجتمعون مدينة نيويورك للمقر الرئيسي للمنظمة كما تم تأسيس مكاتب في نيروبي و جنيف و فيينا. لكن الامم المتحدة ماكانت لتكون لو فشل إجتماع سان فرانسيسكو الذي كاد بالفعل أن يفشل بسبب سلطة الفيتو .  أصرت عواصم الدول الخمس روسيا ، الولايات المتحدة، الصين، فرنسا وبريطانيا على الحصول على سلطة تميزها عن باقي الدول، حتى أن  السيناتور الامريكي  توم كوناكلي  مزق الميثاق و صرخ في الوفود المجتمعة مهددا "إما الميثاق و فيه حق الفيتو أو لا ميثاق أصلا". خضعت الوفود  بعد ذلك حتى تم تأسيس مجلس الامن ب 11 عضوا صاروا بعد ذلك 15 بينهم 5 دائمي العضوية، يصادق المجلس على قرارته بأغلبية 9 أصوات و بإجماع الدول الكبرى. و هكذا تم تأسيس النظام العالمي الجديد بعد الحرب العالمية الثانية . بعد ذلك بشهر وحد أستخدم حق الفيتو لأول مرة بشأن القوات الفرنسية في سوريا و لبنان. و تعتبر روسيا أكثر الدول التي إستخدمت حق الفيتو ب122 مرة، تليها واشنطن ب76 مرة لندن 32 مرة ، باريس 16 مرة و بكين 12 مرة . لم تكن هذه الارقام من أجل خدمة الانسانية أو نشر السلام أو  إيقاف الحروب بل كان بعضها بمثابة  سكب للبنزين على النار أخرها  الفيتو  الذي إستعملته الولايات المتحدة من أجل إسقاط قانون يمنع الدول من نقل سفارتها إلى القدس، إعتبرت واشنطن القانون تعد على سيادتها  رغم أن  الفقرة 3 من المادة 52 تمنعها من ذلك و التي تقول "يمتنع من كان طرفا في النزاع عن التصويت". لكن رغم ذلك لم تقتصر  سقطات الامم المتحدة على مايدور داخل مجلس الامن.

        من جانب أخر تعبق  أروقة الامم المتحدة برائحة الفساد أشهرها فضيحة برنامج النفط مقابل الغذاء.كان الهدف الاساسي من هذا البرنامج كما شرح للعموم في ذلك الوقت هو تخفيف معاناة العراقيين تحت الحصار . نظمت الأمم المتحدة هذا البرنامج بين المركز (نيويورك) و العراق ووظفت مئات الاشخاص بمعاشات مغرية . كانت تتحكم في كل حيثيات و أليات تنفيذ البرنامج على  الارض كما كان موظفوها يتمعون بحرية كاملة في التحرك داخل التراب العراقي. ووفق ما جاء في قرار الامم المتحدة فإن عائدات بيع النفط العراقي يتم تحويلها إلى حساب مصرفي خاص  يتولى إدارته مجلس الامن، كما أن رواتب الموظفين العاملين على البرنامج في الامم المتحدة كانت تشكل 3 بالمائة من عائدات النفط العراقي (تؤخذ من أموال الشعب العراقي ).  لكن الفساد دائما ما يتسلل في أكثر البرامج مراقبة، فقد كان النظام العراقي يبيع النفط بأسعار منخفضة مقارنة بأسعار السوق إلى شخصيات و شركات محددة مثل الشريكتين الامريكيتين "هاليبرتون" و  "تكساكو"، ثم تقوم  الشركات ببيعه بأسعار  السوق ما يزيد في هامش الربح، بعدها  يتقاسم النظام العراقي و الشركاء الامريكيون هذه الارباح فيما يتم تخصيص 10 بالمائة من هذه الارباح لموظفي الامم المتحدة  وكانت كل هذه التجاوزات تدور بإشراف الامم المتحدة.
بعد عملية الحادي عشر من سبتمبر  وسقوط نظام صدام حسين . نشرت صجيفة المدى العراقية  مقالا في 25 جانفي 2004 تحت عنوان "المدى تضع يدها على وثائق  أكبر عملية شراء ذمم رؤوساء و سياسيين و صحفيين و سياسيين إستلموا ملايين البراميل النفطية من صدام". ، المقال كانت بمثابة قنبلة تفجرت  في أروقة الامم المتحدة. فتح المقال الستار عن قائمة طويلة من الشخصيات  الدولية و الشركات النفطية الشريكة في فساد برنامج النفط مقابل الغذاء . لكن المفاجأة الكبيرة تكمن في  أن ثمة متورطين من بين كبار موظفي الامم المتحدة أهمهم رئيس البرنامج القبرصي بينان سيفان (Benon Sevan) الذي أتهم بتسلمه أكثر من 3.5 مليون دولار  في شكل رشاوي و الامين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الذي ظلت تلاحقه الشائعات بسبب حصول إبنه على عقد في إطار البرنامج المذكور، وقد شكلت الامم المتحدة لجنة خاصة بمتابعة قضايا الفساد المتعلقة ببرنامج النفط مقابل الغذاء برئاسة الرئيس السابق للخزينة الامريكية بول فولكر  وعن حجم الفساد الكبير تقول الصحافية الاستقصائية كلوديا روزيت "معظم المعونات التي وصلت العراق كانت متعفنة، الادوية كانت منتهية الصلاحية، الصابون كان رديئا و الطعام كان فاسدا و إستمر النقص حتى بعد سنوات من بيع النفط بمليارات  الدولارات". تشير جميع التقارير  إلى خلاصة واحدة "كسب الجميع و خسر الشعب العراقي".

      كما نشرت صحيفة التايمز  تقريرا جديدا تحت عنوان مثير يقول "كوادر الأمم المتحدة 'مسؤولون عن 60 ألف حالة اغتصاب خلال عقد واحد". إذ نشرت في صفحتها الأولى تقريرا يكشف عن أن أوكسفام قد عينت رونالد فان هورميرن، مديرا لفرعها في هايتي، (أصبح لاحقا في قلب فضيحة التعامل مع بغايا خلال عمل المنظمة بإغاثة ضحايا زلزال هايتي)، بعد عامين من طرده من منظمة إغاثة بريطانية أخرى بسبب مزاعم تتعلق باستخدامه لبغايا أيضا.

        قبل أسبوع من اليوم إحتفلت منظمة الامم المتحدة بمرور 70 عاما على تأسيس فهل إحتفل المنظمون بتأسيس منظمة عالمية تساعد على  نشر السلم و الامن العالميين أم إحتفلوا ببقاء النظام العالمي الجديد الذي تعتبر الدول الفائزة في الحرب العالمية الثانية قاطرته. أضف إليه ما قاله الامين العام للامم المتحدة منذ أيام " الحرب الباردة عادت بروح إنتقامية و بطريقة مختلفة أليات وضمانات إدارة التصعيد في الماضي إختفت اليوم و لا وجود لها" تصريح مرعب يجعل شبح حرب عالمية يتراى للعالم من جديد. فهل مازال يمكننا الاعتماد حقا على الامم المتحدة لحل هذه المشاكل أم أن الاوان لاقامة نظام عادل لا يأخذ بعين الاعتبار حربا إنتهت منذ 73 سنة؟.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire